
في استمرار لـ “العزلة” الدولية التي فرضتها الحرب على قطاع غزة، كشفت صحيفة “هآرتس” العبرية أن الإسرائيليين يواجهون عقبات جديدة في الحصول على الجنسية في الخارج، خصوصاً في الدول الأوروبية. وذكرت “هآرتس” أنه مع انتقال عشرات الآلاف من الإسرائيليين وتخطيط المزيد منهم للهجرة بعد حرب الـ 7 من أكتوبر، تعمل برامج التجنيس في أوروبا وأمريكا الشمالية على تشديد المتطلبات للحصول على الجنسية.
ومن أبرز الدول التي باتت تشدد شروطها على الإسرائيليين للحصول على جنسيتها، الولايات المتحدة، والبرتغال، ورومانيا، وألمانيا، وإيطاليا. ووفق يوآف ستيرن، صاحب شركة تُساعد الإسرائيليين على الحصول على الجنسية الألمانية، فإن زيادة الطلبات منذ بداية حرب غزة في أكتوبر/تشرين الأول 2023 تشبه “قلب الطاولة”.
كما تفيد شركات أخرى تساعد الإسرائيليين في عملية التقدم بطلب للحصول على الجنسية الأجنبية أيضاً بزيادات حادة في عدد المتقدمين خلال العامين الماضيين، في ضوء ارتفاع عدد المهاجرين من تل أبيب. وبحسب تقرير صادر عن مركز الأبحاث والمعلومات التابع للكنيست الأسبوع الماضي، فقد فاق عدد الإسرائيليين الذين غادروا البلاد عدد العائدين إليها بين 2020 و2024.
وفي عامي 2022 و2023، قفز عدد الإسرائيليين الذين غادروا البلاد لفترات طويلة، ففي 2022، بلغ 59,400، بزيادة قدرها 44% عن العام السابق، بينما ارتفع في 2023 إلى 82,800، بزيادة أخرى قدرها 39%. كما شهدت أعداد المغادرين زيادة ملحوظة بعد اندلاع الحرب. في رومانيا والبرتغال، كان من السهل على الإسرائيليين الحصول على الجنسية، لكن أصبحت القوانين فيهما أكثر صرامة، مما خلق عقبة كبيرة.
ويتمثل التغيير الرئيس في رومانيا في الطلب على مستوى B1 (متوسط) من اللغة الرومانية وفقاً للإطار الأوروبي المرجعي المشترك للغات: المحادثة وأساسيات القراءة والكتابة. ويقول ستيرن: “يتحدث الإسرائيليون من أصل روماني اللغة الرومانية البسيطة في وطنهم، في أحسن الأحوال. وهذا يُصعّب على معظم طالبي جوازات السفر المؤهلين حالياً المضي قدماً في طلباتهم”.
ويضيف: “يحتاجون إلى تخصيص الكثير من الوقت والمال لدراسة اللغة، وهو أمر مستحيل بالنسبة للكثيرين. فالوصول إلى المستوى المطلوب يستغرق وقتاً طويلاً”. ولعل مولدوفا تسير على خطى رومانيا، إذ بدأت أيضاً في اشتراط إتقان اللغة للمتقدمين للحصول على الجنسية.
وفي الوقت نفسه، ضاعفت البرتغال الحد الأدنى لفترة الإقامة كشرط للحصول على الجنسية، من خمس سنوات إلى عشر سنوات، على الرغم من أن هذه المدة محددة بسبع سنوات للمقيمين من البلدان الناطقة بالبرتغالية.
كما قامت لشبونة بتغيير قواعد برنامج التأشيرة الذهبية، الذي يمنح المشاركين فيه الإقامة ومساراً أقصر للتجنس مقابل الاستثمار في البلاد، بحيث لم يعد يشمل الاستثمارات العقارية، بعد أن تسبب نجاح البرنامج في ارتفاع حاد في أسعار المساكن في المدن الكبرى في البرتغال.
ووفق المحامي عميخاي زيلبربيرغ، المتخصص في مساعدة الأشخاص على الحصول على الجنسية البولندية والبرتغالية، فإنه “قد شُدّدت الشروط بسبب فضائح فساد” وقال: “عملياً لقد أغلق هذا الباب أمامهم”، مضيفاً أنه في الوقت الحاضر، نادراً ما تُقدّم طلبات جديدة، باستثناء طلبات أزواج أو أبناء المواطنين.
وأصبح الحصول على الجنسية البولندية أكثر صعوبةً بالنسبة للإسرائيليين، كما يوضح زيلبربيرغ: “بالإضافة إلى طول المدة، أصبحت العملية أكثر تكلفةً. فقد رفعوا الرسوم بنسبة 30-40%، وقد تصل إلى مئات اليوروهات”.
أمريكا.. أكثر صعوبة
في الولايات المتحدة، والتي تعد وجهة أخرى شائعة للإسرائيليين، تُعدّ البطاقة الخضراء إحدى طرق الحصول على الجنسية، وهي تسمح للمواطنين الأجانب بالعيش والعمل والدراسة هناك لمدة تتراوح بين 3 و5 سنوات، وبعدها يمكنهم التقدم بطلب للحصول على الجنسية.
لكن بسبب سياسات إدارة الرئيس دونالد ترامب المناهضة للهجرة، فقد شُدّدت شروط الحصول على الجنسية بشكل كبير. وأصبحت اختبارات الحصول على الجنسية أكثر صعوبة، لكن التغيير الرئيس يكمن في التحقق من الخلفية، إذ أُضيفت معايير إلى طلبات التوظيف، مثل “حسن السيرة والسلوك”، أي ليس فقط إثبات عدم وجود أي سجل جنائي، بل اشتراط تقديم أمثلة على حسن السيرة والسلوك.
